بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله القائم على كل نفس بما كسبت،والمجازي لها بما عملت،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله القائل: ((كل المسلم على المسلم حرام؛ ماله ودمه وعرضه)) صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
ـ في عصرنا هذا زاد البحث عن عورات المسلمين و تتبع فضائح خلق الله من كان منهم مشهور او غير معروف ..والبعض فضول .. والبعض تشفي .. والمصيبةأ تشمت
وهناك صنف من الناس يشغلون أنفسهم بتتبع عورات المسلمين
(( يقول عليه الصلاة والسلام)) : (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه! لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من يتتبع عورات المسلمين يتتبع الله عورته حتى يفضحه في بيت، . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي ، وهو حديث صحيح .
فقوله: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه) أي : لم يخلص الإيمان إلى التمكن من قلبه والتأثير في نفسه وظهور آثاره في فعله،
قال: (لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من يتتبع عورات المسلمين يتتبع الله عورته حتى يفضحه في بيته) فهل بعد هذا البيان من بيان؟ وهل بعد التحذير والوعيد من وعيد؟....
هذا الفضيل بن عياض يقول:
إن المؤمن يستر وينصح،
وإن المنافق والفاجر يهتك ويعير.
فإن كنت مؤمناً مخلصاً في محبتك لإخوانك فاستر عليهم قصورهم وعيوبهم،
ثم اخلص بالأسلوب الحسن والحكمة والموعظة الحسنة إلى قلوبهم وإلى آذانهم وإلى عقولهم، وانصحهم بالتي هي أحسن.إن سوء الظن يدفع المسلم إلى أن يتحقق بزعمه،
فيبحث مستمعاً متنصتاً،
أو ناظراً متجسساً،
أو باحثاً متعقباً عن عورات المسلمين وعن سقطاتهم وعن فلتات كلماتهم،
بل ربما تجرأ فدخل بكلامه إلى داخل قلوبهم وإلى خبايا نياتهم، والله جل وعلا قال : وَلا تَجَسَّسُوا )[الحجرات:12]،والنبي صلى الله عليه وسلم قال:
ولا تجسسوا، ولا تحسسوا))) الفرق بين النصيحة :علي بن عمر)
((قال ابن الأثير: (التجسس: التفتيش عن بواطن الأمور وأكثر ما يقال في الشر) - النهاية (1/2721 . وذكر في معنى التجسس: (هو أن تتبع عين أخيك فتطلع على سره) الدر المنثور للسيوطي (7/5672. وقيل: (هو أن يتتبع الإنسان أخاه ليطلع على عوراته سواء كان ذلك عن طريق مباشر بأن يذهب هو بنفسه يتجسس، أو كان عن طريق الآلات المستخدمة في حفظ الصوت أو غير ذلك فهو محرم.
والإسلام يتشوّف إلى الستر،ويتطلّع إلى إخفاء الزلات ، وكتمان العيوب .
ولذلك لما جاء هَـزَّال بن يزيد الأسلمي إلى النبي صلى الله عليه وسلم (ورفع له شأن ماعز
والله يا هزال لو كنت سترته بثوبك كان خيرا مما صنعت به) . رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي في الكبرى .
ومِن هُنا جاء الحث على ستر المسلمين والمسلمات .
فقال عليه الصلاة والسلام : (من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة) . رواه البخاري ومسلم .
وفي الحديث الآخر : (من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة ) ، و عدم الستر على المسلم فيها مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بالستر لى المسلمين
فأين نحن من هذا النداء الذي حضنا فيه النبي صلى الله عليه وسلم على
الستر،كما في الحديث الصحيح أنه قال : ( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن فرج عن مسلم فرج الله عنه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة) ؟ مسند الإمام احمد/2:13
اما في زماننا هذا أصبحت هناك وسائل لترويج الفواحش والتشجيع عليها، ولنقل الفضائح وكشف المستور،فكان عن طريق أجهزة الاتصال المحمول، وعبر خاصية البلوتوث، وخاصية الوسائط المتعددة في الجوالات، بإمكانك نقلُ ملفاتٍ صوتية وملفات فيديو إلى أماكن بعيدة، فبتنا نسمعُ عجبًا ونرى عجبًا،فتفنن أصحابُ هذه الأجهزة في نقل مقاطع مخزيةٍ، من كشف عوراتٍ قد أسبل الله عليها ستره،فأشاعوا بذلك الفواحش وشجعوا عليها، وفتحوا أعيُنَ الغافلين عنها، وفضحوا أعراض المسلمين، ونشروا خزيهم، وفيهم يقول الله الجبارُ المنتقم: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ) . النور:19 . وهذا الوعيدُ عن من غافل عنه وغافل عن عقوبته..رغم شدتها ونسى او تناسى أن الجزاء من جنس العمل.
والعجب العجاب من أُناس يسترهم الله فيأبون إلا هتك الأستار !
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (كل أمتي معافى إلا المجاهرين ، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ، ثم يصبح وقد ستره الله ، فيقول : يا فلان عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربه ، ويصبح يكشف ستر الله عنه ) . رواه البخاري ومسلم
. وهذا الوعيدُ لمجرد أن يحكي المرءُ بالقول ما فعله من معصيةٍ في ليلته، فكيف إذا صوَّر منكره بالفيديو وأطلع غيره ليرى بعينيه ما فعل من معصية؟!فهذا أشدُ وأقبح وأعظمُ جرمًا وأفظع.وبات مرضى القلوب وضعافُ الإيمان يبتكرون من المخازي أشكالاً وألوانًا في عرض الفاحشة وتهييج النفوس من الرجال والنساء وتصوير عوراتهم أو خياناتهم أو الاعتداء على عورات الناس في حالِ غفلةٍ من أصحابها. وهؤلاء وإن أخفوا وجوههم عن الناس فإن الله يعلمهم، وقد خبأ لهم عقوبةً أليمةً في الدنيا وأخرى في الآخرة ،
ومن هذا الباب أن يقع المسلم في الفاحشة وأسوأ من هذا أن يُفاخر بالجريمة ، ويفتخر بالفاحشة .
وأسوأ منه أن يُفاخر في جرائم آثام لم يفعلها ! ليظهر بين أقرانه بصورة البطل المغوار ، صاحب المغامرات ، والليالي الملاح إذ يظنُ بعض الجهلة أنه مجردُ عبثٍ ودعابةٍ ليس إلا، واللهِ إنه لشرٌ عظيم،وصدق الله: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ) . النور: 15
فها نحن نرى فجائع وفظائع تنشرُ عبر هذه الأجهزة في تتبع عورات المسلمين اما فطنتوا هولاء ا لمسكين ان دوائر الدنيا تدور وانه دين سيرد فيهم او في من هم يسكنون قعر دارك)) لا تظهر الشماتة لأخيك ، فيرحمه الله ويبتليك) ) من منا ليس لديه ذنوب لا يعلمها إلا الله ..(
نتخفى عن الخلق ولا نتخفى عن رب الخلائق .. منّ علينا بالستر ان الامر عظيم وان
حسبتموه هينا,وهو عند الله عظيم .. سبحان الله ايها الإنسان الغفل عندم ترى مصيبت اخك تظهر الشماتة فتقول اولاد فلان وبنات فلان بدل ان تستر عليه
فا البعض يقول هم عبره لمن يعتبر..
والآخر يقول يستحق فهو جزاء ما جنت يديه ..
والآخر ينشر ويرسل عبر البلوتوث أو الإنترنت وكأنه صيحات الموسم
من نحن .. انحن القاضي والجلاد في نفس الوقت ام أصبحت هوايتنا إصطياد أخطاء الآخرين
وتتبع عوراتهم وزلاتهم وهفواتهم وكأننا خالين من الزلات والأخطاء وسوء الأفعال
ياخواني دعوا الخلق للخالق .
ونحن لم نؤمر أن نتتبع عورات عباد الله ، ونهتك ما ستر الله عنا منهم
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : ( إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس ، ولا أشق بطونهم ) . رواه البخاري ومسلم . وتذكروا أن أعراض المسلمين عظيمة المكانة عند الله تعالى، وأنه قد لعن الذين يتعرّضون لأصحابها وهم غافلون، من الرجال والنساء على السواء،لذلك احذروا عقوبة الله وسطوته،يقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ *يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمْ اللَّهُ دِينَهُمْ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) النور:23-25.
كم في عالمنا اليوم ممن ظلم في عرضه، ،والله المستعان. فالظالم،لنفسه ولغيره هل يظن أن الله غافل عنه، لا يقدر عليه،لا بل إن الله عزوجل يمهل الظالم،ولكن إذا أخذه لم يفلته.يقول : (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) متفق عليه
وقد يحرم الظالم من هداية التوفيق،قال الله تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) القصص:50
فإذا انتشر الظلم وتتبع العورات في مجتمع وجاهر أهله به عجل الله لهم العقوبة الشاملة التي لايكاد يسلم منها أحد، بل تعم الصالح والطالح ومما يصيب الظلمة يوم القيامة الحسرة والندم،فكل ظالم سيندم هناك ولات ساعة مندم .أيها المتتبع للعورات ، أبشر بعد سعادتك بظلم الناس وفرحتك بإنتهاك اعرضهم،بما أعده الله لك يوم القيامة:قال تعالى ( إِنَّاأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا ْيُغَاثُواْ بِمَاء كَٱلْمُهْلِ يَشْوِى ٱلْوجُوهَ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا ).
فيا أيها المتتبع للعورات وتنشرها،اتق دعوة المظلوم وابتعد عن الظلم،ولا تُعرض نفسك لدعائهم فقد بين الرسول أن دعوة المظلوم مستجابة فقال: (واتق دعوة المظلوم،فإنه ليس بينهاوبين الله حجاب)) .قال الإمام الشافعي رحمه الله: "بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد".ألا فليعلم كل من يقع في شيء من تتبع العورات أن صاحب الحق إذا لم يستوفِ حقه اليوم فسوف يستوفيه في موقف أشد صُعوبة وأقسى، يوم يقوم الناس لرب العالمين، يستوفيه حينئذ خيرًا من ذلك،حسنات هي خير من الدنيا وما فيها، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: (من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لايكون دينار ولا درهم،إن كان له عمل صالح أُخذ منه قدرمظلمته، وإن لم تكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فُحمل عليه)) .
أيها المتتبع لعورات المسلمين ، ثمة مواقف تمرّ بها ضعها في بالك،حين تبلغُ الروح منك الحلقوم، يوم تُعالج سكرات الموت وكُرباته،فأين النصير؟!وأين المعين؟! وأين الرفيق؟! فلا أحد يُنجيك إلاالله.فهل فكرت ـ ايها المتتبع الكشف لعورات المسلمين ـ في هذه المواقف؟! وهل فكرت في وقوفك أمام الجبار وسؤاله لك عن هذه المظالم؟!فهل ستعتذر أم ستفتدي نفسك أم ستطلب الرجعة إلى دار الدنيا لتتخلص من المظالم؟! كل ذلك محال وبعيد.لماذا تظلم يا عبد الله؟!أهي قدرتك وقوتك؟فسوف يُسلط الله عليك من هو أقدر منك، أم هي عزتك ومالك وجاهك؟!
فكل ذلك صائر إلى الذل والهوان،أم هو إمهال الله لك وإغداقه عليك النعم؟!فاتق الله،وأقلِع عن تتبع عورات المسلمين،وكُفَّ عن التعدّي على أعراضهم قبل أن تلقى الله عليهم في بهذا الظلم الشنيع. (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا ًعَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ)
فيا أخي المسلم ،أنت المحاسب،أنت المعذَّب،أنت المعاقب، إن ظلمك وتتبعك العورات سينساها الناس،ولكنها محفوظة عند الله فإياك وتتبع العورات ،واللجوء إلى الحيل والخداع،فإنه لايُنقذك إلاأن تخلص نفسك من مظالم العباد, فاتب الى لله في الدنيا قبل الوقوف بين يدي الله،فيقول لك (ٱلْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ ) غافر:.17
،اللهم أحفظ عوراتنا وأمن روعاتنا،
وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين .
